بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾
قالَ تَعَالَى: ﴿اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا﴾
وَقالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
وَقالَ سبحانه: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾
وقال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}
وَقالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}
يَقولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبهُ إِلاَّ الجَنَّة
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ”.
قال رَسُولَ الله ﷺ وَمَنْ يسْتعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ. وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ” ِ.
وقد ذكر الصبر في القرآن في نحو تسعين موضعاً، وأضاف إليه أكثر الخيرات والدرجات وجعلها ثمرة له.
قال الحسن البصري: الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده
الصبر هو المنع والحبس، فالصبر حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب. والصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا بالصبر. وقال: لو أن الصبر والشكر بعيران ما باليت أيهما ركبت.
إن الصبر سمة من سمات صفوة الله من خلقه الأنبياء والمرسلين , وهذا نبينا محمد ﷺ قد لقي من قومه أشد أنواع الأذى فصبر على مالقي ومن ذلك : عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، قَالَ: ” بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}
قال ﷺ (ما مِن عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ: {إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ}، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لي خَيْرًا منها، إلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ في مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ له خَيْرًا منها).
الصبر على الطاعات: وهو الصبر المطلوب من كل مسلم عندما يؤدي الطاعات، لأن النفس بطبعها تنفر وتثقل وقد يعتريها الكسل كالصلاة، وتثقل بسبب البخل كالزكاة، ومنها ما فيه مشقة وبذل مال ونفس كالحج والجهاد.
الصبر عن المعاصي: وقد جمع الله أنواع المعاصي في قوله تعالى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ. فما أحوج الإنسان إلى الصبر يوم يبتلى بالمعصية، أو حينما تدعوه نفسه الأمارة بالسوء إلى ارتكاب معصية، فيصبر ويحتسب. وقد تكون المعصية يسيرة كمعاصي اللسان من الغيبة، والكذب والمراء ونحوه، عندئذ يكون الصبر عليه أثقل.
الصبر على الأقدار والمصائب والمحن: كالمصائب، مثل موت الأحبة، وهلاك الأموال، وعمى العين، وزوال الصحة، وسائر أنواع البلاء، فالصبر على ذلك من أعلى المقامات، لأن سنده اليقين.
وقد قال ﷺ: “من يرد الله به خيراً يصب به”. وقريب من هذا القسم، الصبر على أذى الناس، كالذي يؤذى بقول أو فعل أو جناية على نفسه أو ماله، والصبر على ذلك يكون بترك المكافآت. والصبر على أذى الناس من أعلى المراتب، قال الله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}
الصبر على الناس واحتمال اذاهم قال -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمِنُ الَّذي يخالطُ النَّاسَ ويصبِرُ على أذاهُم، خيرٌ مِن الَّذي لا يخالِطُ النَّاسَ ولا يصبِرُ على أذاهُمْ).
· محبة الله لعبده: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾
· المغفرة والأجر الكبير ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾
· إن الله مع الصابرين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
· النصر على الأعداء: قال ﷺ: ﴿واعلم أن النصر مع الصبر﴾
· الإمامة في الدين ﴿وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ﴾
· دخول الجنة: قال تعالى: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾