بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾
بر الوالدين يشمل الإحسان إلى الوالدين والتّعطّف عليهما والرّفق بهما والرّعاية لأحوالهما وعدم الإساءة إليهما، وإكرام صديقهما من بعدهما.
قالَ تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيما. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا
وَقالَ تَعَالَى عن الارحام: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ}
وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}.
وقال تعالى فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سأَلتُ النبي ﷺ: أَيُّ الْعملِ أَحبُّ إِلَى اللَّهِ تَعالى؟ قَالَ: “الصَّلاةُ عَلَى وقْتِهَا” قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: “بِرُّ الْوَالِديْنِ “قلتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: “الجِهَادُ في سبِيِل اللَّهِ” متفقٌ عَلَيهِ.
قال رجل: يا رسول اللَّه مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بحُسنِ صَحَابَتي؟ قَالَ: “أُمُّك “قَالَ: ثُمَّ منْ؟ قَالَ: “أُمُّكَ “قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: “أُمُّكَ “قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: “أَبُوكَ”
قال النَّبيّ ﷺ قَالَ: “رغِم أَنْفُ، ثُم رغِم أَنْفُ، ثُمَّ رَغِم أَنف مَنْ أَدرْكَ أَبَويْهِ عِنْدَ الْكِبرِ، أَحدُهُمَا أَوْ كِلاهُما، فَلمْ يدْخلِ الجَنَّةَ”
أَقْبلَ رجُلٌ إِلى نَبِيِّ اللَّه ﷺ، فَقَالَ: أُبايِعُكَ عَلَى الهِجرةِ وَالجِهَادِ أَبتَغِي الأَجرَ مِنَ اللَّه تعالى. قال: “فهَلْ مِنْ والدِيْكَ أَحدٌ حَيٌّ؟ “قَالَ: نعمْ بَلْ كِلاهُما قَالَ: “فَتَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّه تَعَالَى؟ “قَالَ: نعمْ قَالَ: “فَارْجعْ إِلى والدِيْكَ، فَأَحْسِنْ صُحْبتَهُما.
o أنّ الله أمر بعبادته وتوحيده، وجعل برّ الوالدين مقرونا بذلك، كما قرن شكرهما بشكره، فقال: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، وقال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ
o وقد أخبر رسول الله ﷺ أنّ برّ الوالدين أفضل الأعمال بعد الصّلاة الّتي هي أعظم دعائم الإسلام.
o ومن بر الوالدين أن يتلطّف معهما بقول ليّن لطيف، كريم، وأن يجعل نفسه مع أبويه في خير ذلّة، في أقواله، وسكناته ونظره، ولا يحدّ إليهما بصره؛ فإنّ تلك نظرة الغاضب. وذلك عقوق
o ومن برّهما التّرحّم عليهما والدّعاء لهما، وأن ترحمهما كما رحماك، وترفق بهما كما رفقا بك.
o كان إمام الموحدين إبراهيم الخليل يخاطب أباه بلطف شفاف، وإشفاق بالغ، وحرص أكيد؛ رغبة في هدايته ونجاته، وخوفا من غوايته وهلاكه فيقول – كما أخبر الله عنه :وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا – إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا – يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا – يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا – يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} .
o وهذا إسماعيل بن إبراهيم – عليهما السلام – يضرب أروع أمثلة البر في تاريخ البشرية؛ وذلك عندما قال له أبوه: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} , فماذا كان رد ذلك الولد الصالح؟ هل تباطأ أو تكاسل، أو تردد وتثاقل؟ لا، بل قال كما أخبر الله تعالى عنه: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
وَقالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}
قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: “أَلا أُنَبِّئُكمْ بِأكْبَرِ الْكَبائِرِ؟ “ثلاثاً قُلنا: بلَى يَا رسولَ اللَّه: قَالَ: “الإِشْراكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الْوالِديْن “وكان مُتَّكِئاً فَجلَسَ، فَقَالَ: “أَلا وقوْلُ الزُّورِ وشهادُة الزُّورِ” فَما زَال يكَرِّرُهَا حتَّى قُلنَا: ليْتهُ سكتْ.
وقد قال النَّبي ﷺ قَالَ: “الْكبائرُ: الإِشْراكُ بِاللَّه، وعقُوق الْوالِديْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، والْيمِينُ الْغَموس”.
o ذم الوالدين عند الناس والقدح فيهما، وذكر معايبهما أو شتمهما ولعنهما: إما مباشرة أو بالتسبب في ذلك؛ كأن يشتم الابن أبا أحد من الناس أو أمه، فيرد عليه بشتم أبيه وأمه. قال رَسُول اللَّه ﷺ: “مِنَ الْكبائِرِ شتْمُ الرَّجلِ والِدَيْهِ، “قالوا: يَا رسولَ اللَّه وهَلْ يشْتُمُ الرَّجُلُ والِديْهِ؟، قَالَ: “نَعمْ، يَسُبُّ أَبا الرَّجُلِ، فيسُبُّ أَباه، ويسُبُّ أُمَّهُ، فَيسُبُّ أُمَّهُ”
o نهرهما وزجرهما وذلك برفع الصوت؛ والإغلاظ عليهما بالقول. قال تعالى: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.
o العبوس وتقطيب الجبين أمامهما، والنظر إليهما شزرا وذلك برمقهما بحنق والنظر إليهما بازدراء واحتقار.
o التأفف والتضجر من أوامرهما فمن الناس من إذا أمره أحد والديه تأفف ولو كان سيطيعهما، قال – تعالى -: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}
o أمرهما بخدمته كمن يأمر والدته بكنس المنزل، أو غسل الثياب، أو إعداد الطعام؛ فان كان له طلب منهما فليطلب بأدب الولد لوالديه وبما لا يشق عليهما ولا يؤذيهما.
o انتقاد الطعام الذي تعده الوالدة أو ما يجلبه الوالد للبيت وهذا العمل فيه محاذير، من عيب الطعام، وهذا لا يجوز؛ «فرسول الله ﷺ ما عاب طعاما قط، إن أعجبه أكل، وإلا تركه» وقلة الأدب مع الأم. وعدم تقدير جهود الاب وعطاياه.
o الإشاحة بالوجه عنهما إذا تحدثا. وتجاهلهما وترك الإصغاء إليهما، أو المبادرة إلى مقاطعتهما أو تكذيبهما، أو مجادلتهما، والاشتداد في الخصومة والملاحاة معهما. ومنه التشاغل عنهما بالجوالات او الأجهزة والبرامج الحديثة
o ترك الاستئذان حال الدخول عليهما وكذلك الخروج من عندهما: هذا مما ينافي الأدب معهما، فربما كانا أو أحدهما في حالة لا يرضى أن يراه أحد عليها. والعكس قد يكونا بحاجة اليك فلا تخرج دون استئذان.
من أفضل العبادات وأجلّ الطّاعات. وتدل على كمال الإيمان وحسن الإسلام.
o الزّيادة في الأجل والنّماء في المال والنّسل.
o من برّ آباءه برّه أبناؤه والجزاء من جنس العمل.
o برّ الوالدين يفرّج الكرب..
o وحسن السّيرة في الدنيا ويرفع الذّكر في الاخرة وهو طريق مباشر إلى الجنّة.