عَنْ أَمِيرِ المُؤمِنينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَو امْرأَة يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه . رواه إماما المحدثين البخاري، و مسلم ، في صحيحيهما.
المفردات: إنما: للحصر، وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه.
الأعمال: الشرعية المفتقرة إلى النية.
بالنيات: بتشديد الياء وتخفيفها جمع نية وهي عزم القلب.
وإنما لكل امريء ما نوى: فمن نوى شيئا لم يحصل له غيره.
فمن كانت هجرته: انتقاله من دار الشرك إلى دار الإسلام.
إلى الله ورسوله: بأن يكون قصده بالهجرة طاعة الله عز وجل ورسوله ﷺ . فهجرته إلى الله ورسوله: ثوابا وأجرا.
لدنيا: بضم الدال وكسرها من الدنو، أي القرب سميت بذلك لسبقها للأخرى، أو لدنوها إلى الزوال، وقيل: المراد بها هنا المال بقرينة عطف المرأة عليها.
يصيبها: يحصلها. ينكحها: يتزوجها.
فهجرته إلى ما هاجر إليه: كائنا ما كان، فالأول تاجر والثاني خاطب
يستفاد منه: 1 – الحث على الإخلاص، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان صوابا وابتغي به وجهه. ولهذا استحب العلماء استفتاح المصنفات بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية. 2- الأعمال التي لا تتوفر فيها نية التقرب إلى الله غير معتبرة شرعا باطلة تحتاج غلى إعادة – ولا يترتب علبها أجر – و لا تقبل و إن كانت صورتها صورة العبادة .
3 – أن الأفعال التي يتقرب بها إلى الله عز وجل إذا فعلها المكلف على سبيل العادة لم يترتب الثواب على مجرد ذلك الفعل وإن كان صحيحا، حتى يقصد بها التقرب إلى الله.
4- مقصود النية تميز العمل بتمييز العبادات من العادات ، و تميز العبادات عن بعضها.
كما أن المقصود من النية تميز المقصود بالعمل ، و هو الإخلاص لله بالطاعة .
5 – فضل الهجرة إلى الله ورسوله. وقد وقعت الهجرة في الإسلام على وجهين: الأول _ الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن، كما في هجرتي الحبشة، وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة، الثاني _ الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان، وذلك بعد أن استقر النبي ﷺ بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين. وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة، إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص. وبقي عموم الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام لمن قدر عليه واجبا.