المنهاج
الدورة: الايمان
تسجيل الدخول
Text lesson

الإيمان بالرسل

الإيمان بالرسل

أمرنا الله عز وجل بالإيمان بالرسل وقرنه بالإيمان به فقال ﴿فآمنوا بالله ورسله﴾، وقرن الله سبحانه الكفر بالرسل بالكفر به، فقال: ﴿ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا﴾ وفي حديث جبريل: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله)، ففي هذه الآيات دليل على أهمية الإيمان بالرسل، ومنزلته في دين الله

معنى الإيمان بالرسل

      الإيمان بالرسل، هو التصديق الجازم بأن الله تعالى، بعث في كل أمةٍ رسولاً، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، لا شريك له، والكفر بما يعبد من دونه،

      وأَنَّ جميعهم صادقون مصدقون أتقياء أمناء هداة مهتدون، وأنهم كلهم كانوا على الحق المبين،

      وأنهم بلَّغوا جميع ما أرسلهم الله به، لم يكتموا حرفاً، ولم يغيروه، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفاً ولم ينقصوه،

      وقد اتفقت دعوتهم من أولهم إلى آخرهم في أصل الدين وهو توحيد الله عز وجل بإلهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته، ونفي ما يضاد ذلك، أو ينافي كماله، وأما فروع الشرائع، من الفرائض، والحلال، والحرام، فقد تختلف.. فيفرض على هؤلاء، ما لا يفرض على هؤلاء، ويُخفف على هؤلاء، ما شدد على أولئك، ويحرم على أمة ما يحل للأخرى

      وأن الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلاً، واتخذ محمداً ﷺ خليلاً، وكلَّم موسى تكليماً، ورفع إدريس مكاناً عليَّا، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الله تعالى فضل بعضهم على بعض، ورفع بعضهم على بعض درجات.

قال تعالى: ﴿وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾ وقد ذكر الله تعالى في كتابه منهم: آدم، ونوح، وإدريس، وهود، وصالح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، ولوط، وشعيب، ويونس، وموسى، وهارون، وإلياس، وزكريا، ويحيى، واليسع، وذا الكفل، وداود، وسليمان، وأيوب، وذكر الأسباط جملة، وعيسى، ومحمد ﷺ، وقص علينا من أنبائهم ونبَّأنا من أخبارهم ما فيه كفاية وعبرة وموعظة إجمالاً وتفصيلاً.   فنؤمن بجميعهم تفصيلاً فيما فصل، وإجمالاً فيما أجمل. (منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ومحمد صلى الله عليهم وسلم).

كما نؤمن بِأَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ، هُوَ آخِرُ الْأَنْبِياءِ، فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾

وهنا بعض الأنبياء أشار القرآن إلى نبوتهم، ولكننا لا نعرف أسماءهم، وهم الأسباط، والأسباط هم أولاد يعقوب، ﴿قُولُوَاْ آمَنّا بِاللّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ﴾

هناك أنبياء ورد ذكرهم في السنة، ولم ينصّ القرآن على أسمائهم، وهم: شيث وكان نبيّاً بنصّ الحديث أنزل عليه خمسون صحيفة ويوشع بن نون: لقوله ﷺ: ((إنَّ الشمس لم تحبس إلاّ ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس)).  هناك آخرون مختلف في نبوتهم مثل ذو القرنين تبع الخضر

والصحيح ان كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً لحديث ابي ذر يا رسول الله، كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: (مائة ألف، وأربعة عشر ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً

والإيمان بالرسل يتضمن أمورا:

      التصديق بنبوتهم وبما جاءوا به من عند الله عز وجل، قال تعالى: {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون

      عدم التفريق بين أحد منهم كما قال تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}.

      توقيرهم وتعظيمهم: قال تعالى: {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} وأجمع العلماء على أن من انتقص نبيا من الأنبياء فقد كفر

      اعتقاد عصمتهم في تبليغهم الوحي، وعصمتهم من الكبائر والصغائر المشينة

      الإيمان بهم جميعاً، وعدم التفريق بينهم في الايمان والتصديق. بأن يُؤمن ببعض ويُكفر ببعض كحال النصارى الذي آمنوا بعيسى وكفروا بمحمد، أو كحال اليهود الذين آمنوا بموسى وكفروا بعيسى ومحمد عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، قال تعالي {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون.

      اعتقاد تفاضلهم فيما بينهم وأنهم ليسوا في درجة واحدة بل فضل الله بعضهم على بعض. قال سبحانه ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾.

      ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ اعتقاد فضلهم على غيرهم من الناس، وأنه لا يبلغ منزلتهم أحد من الخلق مهما بلغ من الصلاح والتقوى،

      محمد ﷺ خاتم النبيين ورسول العالمين شريعته نسخت الشرائع ودينه نسخ الأديان فلا يجوز لأحد من الثقلين متابعة أحدٍ من الرسل السابقين بعد مبعث محمد ﷺ

قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾

الحكمة من إرسال الرسل:

      إقامة الحجة على العباد، وتبشير المؤمنين بنعيم الله وجنته في الآخرة، وإنذار الكافرين من عذابه وعقابه، قال تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما}

      إقامة الدين وسياسة الدنيا به، فقد كان الأنبياء هم الساسة الذين يديرون شؤون البلاد والعباد، قال ﷺ: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي)، وكذلك كان ﷺ   هو قائد الأمة وأميرها.

      تحقيق القدوة والأسوة العملية، ليقتدي المؤمنون ويتعلمون كيف يقيمون الشريعة والدين وليزداد الذين آمنوا ايمانا وحجة على المقصرين ان الرسل كانوا بشرا امثالهم،

معجزات الرسل

      معجزات الرسل هي الآيات التي أجراها الله على أيديهم تصديقا لهم، وبرهانا على الحق الذي معهم إذ لم يبعث الله نبياً من الأنبياء إلا ومعه آية تدل على صدقه فيما أخبر به،

      قال    : (ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة

      ومن عظيم حكمة الله عز وجل أن جعل معجزات رسله من جنس ما أبدع فيه القوم المرسل إليهم، إمعاناً في الحجة، وقطعاً للعذر، فلو جعلت معجزة الرسول في أمر يجهله من أرسل إليهم، لكان لهم عذر في عدم إحسان ما يجهلونه. فموسى عليه السلام أرسل في قوم كان السحر شائعا بينهم، فآتاه الله من الآيات ما فاق به قدرة السحرة على أن يأتوا بمثله ولما بعث الله تعالى عيسى عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل كان فن الطب فيهم شائعاً، فاقتضت حكمته تعالى أن جعل كثيراً من معجزاته عليه السلام من قبيل أعمال أهل الطب، فأبرأ الله على يديه الأبرص والأكمه – الذي ولد أعمى – وأحيا الموتى،

      ومثل ذلك مع نبينا ﷺ، فقد بعث في قوم كانوا أهل فصاحة وبيان، وكان ﷺ

 أميا لا يقرأ ولا يكتب، فآتاه الله القرآن، وتحدى العرب أن يأتوا بمثله فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بمثل سورة منه فعجزوا، ثم أعلمهم بأنه لو اجتمع البشر كلهم، وتظاهرت الجن معهم على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ما استطاعوا أن يأتوا بمثله، قال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}

بعض صفات الرسل

      ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ أنهم بشر، والفرق بينهم وبين غيرهم أن الله اختصهم بالوحي والرسالة، فليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، ولكنهم بشر بلغوا الكمال في الخِلقة الظاهرة،

      كما بلغوا الذروة في كمال الأخلاق، كما أنهم خير الناس نسبا، ولهم من العقول الراجحة واللسان المبين ما يجعلهم أهلًا لتحمل تبعات الرسالة والقيام بأعباء النُبوَّة.. وإنما جعل الله الرسل من البشر ليكون قدوتهم من جنسهم، وحينئذ فإن اتباع الرسول والاقتداء به هو في مقدورهم وفي حدود طاقتهم.

      اختصهم الله بالرسالة، فالله عز وجل قد خصهم بالوحي دون بقية الناس، كما قال سبحانه ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد﴾

      كما أنهم معصومون فيما يبلِّغونه عن الله، فهم لا يخطئون في التبليغ عن الله، ولا يخطئون في تنفيذ ما أوحى الله به إليهم.

      والرسل عليهم السلام صادقون في أقوالهم وأعمالهم، قال تعالى: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُون﴾

      قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل﴾ وصفهم الله تعالى بالصبر. فقد دعوا إلى دين الله تعالى مبشرين ومنذرين، وقد أصابتهم صنوف الأذى وأنواع المشاق، فصبروا وتحمّلوا في سبيل إعلاء كلمة الله،

 

 

This website uses cookies and asks your personal data to enhance your browsing experience. We are committed to protecting your privacy and ensuring your data is handled in compliance with the General Data Protection Regulation (GDPR).