Blog
ما هي التربية الإيمانية، وما أهميتها؟
هي الارتقاء بالأحوال الإيمانية للمسلم وللشباب على وجه الخصوص وتغذية شجرة الإيمان في قلوبهم.
التربية الإيمانية في الشرع؟
لك أيها القارئ أن تنظر طريقة القرآن في تعميق الإيمان بالآخرة وكيف كان أثر ذلك في قلوب الصحابة رضي الله عنهم، كان القرآن المكي يقرر ويكرر أمور الآخرة حتى صار الصحابة كأنهم يعاينون الآخرة، فهانت عليهم أنفسهم، وبذلوا جميع ما يملكون طلبا لجنة الله عز وجل، فتارة يقول: “إن الساعة آتية أكاد أخفيها” وتارة يقسم بوقوعها: ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ [الذاريات: 1 – 6]، وتارة يأمر نبيه بالإقسام على وقوعها: “وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم”، وتارة يذم المكذبين بها، وتارة يمدح المؤمنين بها وتارة يخبر بقرب القيامة.. وغير ذلك الكثير من الأمثلة والأدلة الواردة في القرآن، وأما السنة النبوية التي أخرجت لنا أجيالاً تناطح هامات السحاب بإيمانها، فهي مليئة – أي السنة – بهذا الأسلوب العظيم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتخول صحابته بالموعظة من حين إلى حين كما أُثر عن ابن مسعود، وفي هذا دلالة على أمرين: أولاً: حضور الموعظة في المجتمع الرسالي بشكل دائم، وثانياً: أن للموعظة مزايا واضحة، يميزونها عن غيرها. فأصبحت تجري في دمائهم حتى كان الواحد يقول لأخيه: اجلس بنا نؤمن ساعة، فيجلسون يذكرون الله عز وجل. مع أنهم أبر الأمة قلوبا، وأصدقهم ألسنة، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه للتابعين: لأنتم أكثر عملا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم كانوا خيرا منكم، كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة. ويدل الأثر أيضاً على مُكنة وعظ الرسول منهم، وترقيته لصلاح قلوبهم.
وهذا وغيره يؤكد على أن التربية الإيمانية ضرورة قائمة في حق المربي، وحق كل مسلم يطمح في الارتقاء بنفسه في درجات الخلد.
أهمية التربية الإيمانية:
ولعلنا نذكر بعض الأمور التي تبين لنا أهمية التربية الإيمانية وضرورة الاعتناء بها في النقاط التالية:
الأول: الإيمان هو أفضل الأعمال؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أفضل؟
فقال: “إيمان بالله ورسوله” قيل: ثم ماذا؟ قال: “الجهاد في سبيل الله” قيل ثم ماذا؟ قال: “حج مبرور”.
الثاني: الإيمان مناط النجاة يوم القيامة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”.
الثالث: تفاوت الناس يوم القيامة على أساس الإيمان؛ وهذا يتفاوت من ميدان إلى ميدان فمثلا أهل الجنة يتفاوتون فيما بينهم من درجات وكذلك أهل النار يتفاوتون فيما بينهم من دركات.
الرابع: الإيمان هو الأساس والأصل في التربية الإسلامية.
الخامس: الإيمان هو الزاد للمرء في مواجهة الشهوات.
السادس: قوة الإيمان هو العلاج الأنجح لكثير من المشكلات؛ فمثلا (قسوة القلب، الفتور، ضعف العناية بالعبادات…)، وغيرها من المشكلات لا يعالجها إلا قوة الإيمان.
السابع: قوة الإيمان هي أهم ما يعين المرء على الثبات على دين الله؛ خاصة ونحن اليوم نعاني من كثير من حالات التقهقر والتراجع، لذا فحين سأل هرقل أبا سفيان رضي الله عنه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب”.
الثامن: قوة الإيمان هي أعظم حاجز بين المرء وبين مواقعة الحرام والمعاصي؛ قال الله تعالى عن الشيطان: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن..”، فالذي يحول بينه وبين الوقوع في المعاصي وغيرها هو الإيمان. وحتى حين يواقعها العبد فالمؤمن هو أقدر الناس على الإقلاع والتوبة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].
التاسع: أن الشاب في مرحلة المراهقة يعيش قوة وفراغاً، ولذا يكون اغتنام ذلك في العبادة أمر في غاية في الأهمية، والله يعجب من الشاب ليس له صبوة.
العاشر: أننا في آخر الزمان، وقد عُرف فضل العبادة والتمسك بالدين، قال عليه الصلاة والسلام: “فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل قبض الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون بمثل عمله”. وهو زمن يبتعد فيه الناس عن العبادة. قال أبو التياح: “والله أنه ينبغي للرجل المسلم أن يزيده ما يرى في الناس من التهاون بأمر الله أن يزيده ذلك جداً واجتهاداً”.
هذه الأمور تبين وتلفت للمربين إلى أهمية التربية الإيمانية. ولمن نظر اليوم في واقع الجيل يدعونا إلى إعطاء الجانب الإيماني مزيداً من الرعاية والعناية.